تنقسم هذه التدوينة إلى جزءين، الأول يحوي قراءتي للكتاب، والثاني يحتوي على نبذة عن الكتاب إضافة إلى رابط للمزيد من القراءات على غودريدز.
~~~
كتاب مؤلم ومربك ومحبط.
أشعر بأن الانطباع الذي خرجت به من تجربة القراءة مختلف تماماً عما ظننت أنني سأحصل عليه قبلها.
أصعب ما خرجت به من الكتاب هو الإحساس بالذنب، والمسؤولية، والسخط على المسلمين المتنطعين الذين يخرجون أجيال المسلمين الأمريكية الجديدة من دينها وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً.
وما يزيد الطين بلة ما يطالعك في المواقع الإسلامية الأجنبية، من انشغال بالقشور أو المواضيع الجانبية، فيما المسلمون في الغرب يشككون في أصول دينهم!
أحد المواقع الإسلامية باللغة الإنكليزية، يورد من ضمن المواضيع التعريفية عن الإسلام موضوعاً عن الجن، وآخر لا يورد في مواضيعه عن مكانة المرأة في الإسلام إلا ثلاثة مواضيع، ليس فيها موضوع متكامل واحد، وأحدها يتكلم عن صوت المرأة، هل هو عورة أم لا؟!
أتساءل عن ردة فعل المواطن الامريكي حين يفكر بالتعرف إلى الإسلام فيدخل إلى غوغل، ومنه إلى هذا الموقع الذي يتصدر الصفحة الأولى من نتائج البحث ومنه إلى موضوع: هل يستطيع الجن اختراق الجدران؟
بعيداً عن الفقرتين الأخيرتين، وهما منطلقتان من تجربة شخصية، نجد الكتاب يعرض أموراً أعقد وأشد وطأة من ذلك، ولا يسع المرء إلا أن يتفطر كمداً وهماً على الانسلاخ الهائل لأجيال المسلمين الشابة عن قيمها وعن أسئلتها الحائرة التي لا تجد من يجيب عليها إلا بالصد والترهيب، ما يقودها في النهاية إلى حياة مشتتة مذبذبة أو إلى إلحاد كامل.
هذا الكتاب يطرح على عاتق المسلمين الشرقيين مسؤولية كبيرة، وبرغم أنني لم أكن مرتاحة تماماً لكل توجهات الكاتب وأفكاره، فإنني لا أنكر أنه يقف وحيداً في مواجهة الريح، وأن الدور الذي يقوم به بالرد على التساؤلات المتكررة والمقلقة للشباب المسلم أو الذي يقف على الحد بين الإسلام وما سواه، دور هائل عظيم.
ما أراه أن من واجب المسلمين الذين عاشوا وتربوا في مجتمعات إسلامية، أن يقوموا بدورهم تجاه إخوانهم في الغرب، لا بالطريقة المعتادة نفسها التي جعلت مئات الآلاف من الشباب الغربي المسلم ينسلخ تمام الانسلاخ عن المسجد في خطوة سابقة لانسلاخه النهائي عن دينه، لكن بطريقة أكثر وعياً ونضجاً وحكمة، طريقةٍ تحافظ على الثوابت، وتُخضِع للتقييم كل عائق ثقافي أو عنصري ألصق بالإسلام زوراً على أنه ركن أصيل فيه.
أذكر أن أحد الأساتذة الأفاضل في كلية الشريعة حدثنا مرة عن غربية أرادت أن تسلم، فاتصلت بالمركز الإسلامي في بلدها، وأعربت عن رغبتها للقائمين عليه، فما كان ممن رد على اتصالها إلا أن قال: هل لديك مفرش طاولة يا سيدتي؟
أجابت السيدة مستغربة بالإيجاب.
طلب منها الرجل حينذاك أن تلتحف بالمفرش وتأتي إلى المركز.
وكما كان متوقعاً ضربت السيدة صفحاً عن الموضوع برمته.
بعد سنوات، أتيح لها أن تتعرف إلى الإسلام من جديد، هذه المرة بطريقة أكثر رقياً وحكمة، وأشهرت السيدة إسلامها.
هذه القصة هي شاهد فقط على طريقة التعامل المنفرة التي ينتهجها الكثير من القيّمين على المراكز الإسلامية في أمريكا، والكتاب يعج بكثير من الأمثلة التي تدلل على ذلك، وتصف الفجوة بين المجتمع الأمريكي وبين مجتمع المسجد الذي تعد ثقافة التمييز ضد النساء من أبرز مميزاته.
لست نادمة على قراءة هذا الكتاب، لكنه ولَّد لديّ كرباً عظيماً لا أدري سبيل الخلاص منه.
والمؤكد أنني بإذن الله سأسعى لاقتناء كتابَي المؤلف الآخرين وقراءتهما.
تحديث1: نسيت القول أن طريقة قراءة المؤلف للآيات جعلتني أشعر وكأنني أقرأها للمرة الأولى، وصفه للقرآن وتفاعله مع خطابه، يجبرك على التفكير في مدى جدية تفاعلك السابق مع القرآن.
نبذة عن الكتاب من موقع غودريدز:
يبحث جيفري لانگ خلال هذا الكتاب في انسلاخ الأكثرية الساحقة من المسلمين الأمريكيين الذين نشؤوا في الوطن، عن المساجد ونفورهم منها.
يسوي المؤلف في كتابه هذا كثيرًا من التساؤلات التي طرحها عليه أمريكيون من أبوين مسلمين، وأمريكيون اعتنقوا الإسلام منذ صدور كتابه “حتى الملائكة تسأل” عام 1994م.
ويؤكد أنه لا بد للمؤسسة في أمريكا أن يكون لديها رغبة في الإصغاء إلى شكوك وشكاوى الساخطين على الإسلام وغير الموالين له. وهذا يستدعي الانخراط في مناقشات مفتوحة حول قضايا لا يرتاح لها كثيرون من أبناء الجالية الإسلامية، ويجزم أن الحوار المفتوح سيكون أجدى وأنفع للمسلمين الأمريكيين الشباب الذين يتصارعون مع عقيدتهم، أكثر من المناقشات المغلقة والنمطية المألوفة، وأجدى كذلك من عدم إجراء هذه المناقشات أصلاً.
ولهذا السبب يشعر أنه من المهم، بل من المفيد أن يكون المرء صريحًا وموضوعيًا وألا يتحاشى الجدل والمناظرات؛ لأن تقرير حالة ما ضد موقف معين أو معه بصورة غير ملائمة ولا وافية، خصوصًا عندما يكون الأمر متعلقًا بتحدي التقاليد والأعراف، لا يسفر إلا عن مزيد من إبعاد المرتابين وتنفيرهم.
بالإضافة إلى ما أجراه المؤلف من تمحيص لقضايا الحكمة الإلهية من السماح بوجود الشر، وصحة الحديث النبوي الشريف، والممارسات التجريدية ضمن الجالية المسلمة الأمريكية فقد ضمن كتابه شهادات وأدلة وتحقيقات واستقصاءات مما يجعل هذا الكتاب مفعمًا بالثقافة.
لمزيد من القرءات حول الكتاب: هنا.
جيفري لانغ هو بروفسور الرياضيات في جامعة كانساس، كتب مجموعة من المذكرات حول اعتناقه الإسلام.